ما هي!
+ قال مار افرام:
"الانسان مكون من جسد
ونفس، إن لم يتغذى الجسد بالخبز فلن يعيش، كذلك النفس إن لم تتغذ بالصلاة والمعرفة
الروحانية فهي مائته".
+ سُئل مرة مار اسحق:
"ما هي الصلاة؟".
فقال: "هي تفرغ العقل من
جميع أمور الدنيا، ونظر العقل إلى شوق الرجاء المعد".
+ وقال أيضاً:
-
محاسن الصلاة: الاغتصاب والصبر والاحتمال وطول الروح
والتجلد، والصلاة هي صراخ العقل الذي يصرخ من حرقة القلب".
-
"أحب الصلاة كل حين، لكي يستنير قلبك بالله".
-
"الذي يتهاون بالصلاة ويظن أن هناك ثمة باب آخر للتوبة، فهو
محل للشياطين".
-
"الانسان العادم من الصلاة، ويجادل على الفضائل، لا فرق بينه
وبين الأعمى العادم النور، ويجادل على حسن الفصوص الكريمة، والألوان الكثيرة".
-
====================================
1
روح الصلاة
(1) علامة الصليب المقدسة
+ قال شيخ:
"حدث أنى كنت سائراً في
الصعيد مع رجل اسماعيلي، وأمسى علينا الوقت ولم نستطيع أن نصل إلى مسكن لنلتجئ فيه
إلى الغد، وبينما نحن محتارون وخائفون من الوحوش، صادفنا برية عتيقة، فدخلناها
لنستريح إلى الغد. فوقفت ورشمت علامة الصليب المقدسة من ناحيتي هذه وهذه، ثم
رشمتها أيضاً تحت رأسي، ورقدت. وفي منتصف الليل، إذا بنا نسمع صهيل خيل، وصياحاً،
وخيالاً عظيماً وقلقاً من الجنون، ورأيت واحد أجلسوه على كرسي مثل وال، وأمر
القيام بين يديه أن يخلوا البرية حيث كنا راقدين، واخرجوا الراقد معي، وضربوه حتى
شارف الموت، وكانوا يقولون له: "أين هو الراقد معك؟" فيقول لهم:
"أنه في الموضع الذي كنت راقداً فيه". أما هم، فانهم إذا أرادوا الدخول
إلى مرقدي، يرون علامة الصليب المقدس فيهربون إلى الخلف، ويقعون على وجوههم، وفى
رجوعهم إلى الجالس على الكرسي، كانوا يعاقبون ذلك الإسماعيلي جداً، ويصيحون عليه
بأصوات مختلفة قبيحة، قائلين: "أين الذي دخل معك؟" فيقول لهم: "أن
موضعه في الداخل، راقداً" أما أنا فصرت كالميت من الخوف الذي لحقنى، وهم كلما
اقتربوا منى ونظروا علامة الصليب، يهربون إلى الخلف، ويسقطون على وجوههم، وكان
الجالس على الكرسي يقول لهم: "ما بالكم لا تحضرونه؟" فكانوا يقولون له: "إذاً
نحن دنونا منه، ننظر إلى علامة الصليب، فلا نقدر أن نقف، بل نهرب إلى الخلف، ونسقط
على الأرض"، فيقول لهم:" أصعدوا إلى الهواء، وأنزلوا عليه من فوق واتوني
به"، فكانوا لما يأتون إلي، ينظرون العلامة على رأسي؟، فيهربون إلى الخلف،
ومكثت هكذا في هذا الانزعاج العظيم، حتى أشرق النور، حيث ذهبوا خائبين، تاركين ذلك
الرجل قريباً من الموت، وقد عجبت إذ لم يقدروا الدنو مني وقلت: "سبحان السيد
المسيح صاحب العلامة". أما ذلك الرجل الذي ضربوه، فقد تعجب منى لما رآني،
وقال: "لماذا لم يقدروا أن يضربوك وضربوني أنا؟" فأعلمته بعلامة الصليب
المخلص الذي لسيدنا يسوع المسيح، فعندما سمع مني هذا، مضى وتعمد، وصار مسيحياً
مختاراً، وأكمل عمره وهو لابس السلاح، والمثال الذي لإلهنا يسوع المسيح".
========================================
+ كان في زمان بوريق الملك
رجل يقال له الوسيط، تشبه بالمسيخ الدجال في سحره، وكان قد أدرك بسحره ما لم يدركه
أحد ممن كان قبله من السحرة وكان له صديق يعمل كاتباً يخاف الله. فأراد الساحر أن
يطفيه بعمله السحر فدعاه وركبا فرسين وخرجا من المدينة أول ساعة من الليل. فلما
انقضى نصف الليل وإذا في بقعة سهلة ليس فيها مدينة ولا قرية، فوجدا بابا في قصر، فقرع
الساحر الباب ففتح لهما ولقيهما جماعة لونهم أسود، فسلما على الوسيط وأدخلوهما إلى
موضع مجلس كبير فيه منبر وكراس موضوعة وفي وسط الكرسى، وعليه شخص عظيم أسود اللون
وعن يمينه وشماله كثير من السود القيام. فخر الساحر ساجداً له فقال له ببشاشة
مرحباً بالوسيط. قد قضيت حوائجك. فقال: من أجل هذا أتيت لأشكرك. فجلس الساحر عن
يمينه فلما رآهم الكاتب زهد بهم، ووقف وراء الوسيط فقال الرئيس من هذا الذي معك.
فقال: عبدك. فالتفت له الرئيس وقال: "أنت عبدي؟ فصلب الكاتب على وجهه وقال
أنا عبد الآب والابن والروح القدس فوقع الاركون من مجلسه وغاص في الأرض وانطفأت
المصابيح وولوا هاربين، وغرق القصر بكل من فيه والساحر ولم يبقى إلا الكاتب
والفرسان فقط. فلم يلتفت ولكنه ركب فرساً وترك الأخرى. وسار إلى المدينة وضرب على
الباب ففتح له وأخبر بكل ما ناله. وبعد ذلك لجأ إلى رجل من الآباء يخاف الله.
ففيما هما ف صلاتهما أمام أيقونة السيد المسيح صرفت الايقونة وجهها عن البطريرك
ونظرت إلى الكاتب فتحول الأب إلى الشرق والذي كان فيه الكاتب فحولت وجهها أيضاً
إلى الكاتب. فخر الأب ساجداً. وقال يا رب لا تصرف وجهك عني، بل أظهر لي باب
وارحمني، فإنني أعلم بأنني خاطيء. ولما أكثر من هذا القول ومثله وهو أباك. نظرت
الايقونة للكاتب وقالت للأب أنا أعلم أنك تعطى للمساكين مما أعطيتك وترحمهم وأنا
كافيك عن ذلك وأما هذا القديس فحقه على واجب.
====================================
(2) بداية الصلاة
+ قال انبا
أنطونيوس:
"أن أول كل شيء هو ان
تصلى بلا ملل وتشكر الله على كل ما يأتي عليك"
"صل أبدأ صلاة في خزانتك
أولاً قبل صلاتك مع الأخوة".
+ سأل الشيوخ مرة انبا
مقاريوس الكبير:
"كيف نصلى؟ فقال: نبسط
أيدينا إلى الله ونقول: يا الله أهدنا كما تحب وكما تريد. وأننا أصابنا ضيقة قلنا:
يا رب أعنا فهو يعرف ما هو الخير لنا ويصنع معنا كرحمته ومحبته للبشر".
+ وقال مار أسحق:
"بالقراءة المفروزة اجمع
قلبك من الكل، وقم للصلاة، وفى وقت الصلاة وجه نظرك إلى الجموع الصارخة:
"أصلبه"، وأعجب من مخلص الكل كيف يصرخ بنوع الصلاة: "يا أبتاه، لا
تقم لهم هذه الخطية" وتشبه به بأكثر قوتك، وأبدأ بالصلاة والدموع".
"قيل إنه كما جاء انسان
لأنبا سرابيون الاسقف ليتسلم ثوب الرهبة كان يقول له: "عندما تصلى قل:
"يا سيدي علمني أن أصنع إرادتك".
+ وقال القديس يوحنا القصير:
"إذا قمت في صلاتك قدام
الله فأول كل شيء قل: قدوس قدوس قدوس الله القوى، السماء والأرض مملوءتان من
تسابيحك. وبعد ذلك قل: اللهم أهلنا بنعمتك لذلك الشرف الذي أعددته في العالم
الجديد. ولا يديننا عدلك في مجيئك العظيم. اللهم أهلني لمعرفتك الحقانية والخلطة
بحبك التام. وحينئذ أختم صلاتك بالصلاة التي علمها الله لتلاميذه واتلها دائماً
بتامل".
(ج) الإسراع إلى الصلاة
+ قال أنبا أنطونيوس:
"إذا ضرب الناقوس لا
تتوان عن الحضور إلى الكنيسة، لا تتحدث هناك ولا تمض إلى كنيسة يجتمع فيها
الناس".
+ وسُئل القديس برصنوفيوس:
"إذا طلب منى إنسان أن
أصلى لأجله، أينبغي لي أن أصلي لأجله أم لا؟".
أجاب:
"جيد أن تصلى عن كل من
يسألك، لأن الرسول يعقوب يقول: "صلوا لأجل بعضكم بعضاً كيما تعافوا، وقد صلى
أناس لأجل الرسل، على أن تفعل ذلك كمن هو غير مستحق ولا دالة له".
(د) فاعلية الصلاة
أتى تلميذ لأنبا مقاريوس وقال
له:
"أبي يرسلني لقضاء خدمات
له، ولكني خائف من الزنى" فقال له الشيخ: "في أي وقت تأتيك التجربة قل:
"يا أيها الرب إلهي بصلاة أبي نجني، وهو يخلصك"، وحدث في أحد الأيام أن
أغلقت عليه عذراء الباب، فصرخ بصوت عظيم وقال: "يا إله أبى خلصني"
وللوقت وجد نفسه في طريق الأسقيط.
+ وقيل عن الأب مرقس المصري:
أنه مكث ثلاثين سنة لم يخرج
خارجاً عن قلايته، وقد اعتاد قسيس أن يأتي إليه، ويقوم بخدمة القداس، فاحتال
الشيطان في إيقاعه في ألم الدينونة، فأوعز إلى بعضهم فأتوا إليه بإنسان مجنون بروح
نجس، طالبين أن يصلي عليه، فقبل كل شيء بدأ المريض يقول له: "إن قسيسك له
رائحة الخطية فلا تدعه يدخل إليك" فقال له الشيخ: أيها الولد أن كل الناس
يطرحون الجيف والنجاسة خارجاً، أما أنت فقد ادخلتها إلي، أما كُتب "لا تدينوا
لئلا تدانوا" فهو وأن كان خاطئاً، لكن الرب يخلصه، لأنه كتب "وإن هو سقط
فالرب يقيمه" وقد كتب أيضاً "ليصل بعضكم من أجل بعض لكى تشفوا".
وإذا قال ذلك صلى صلاة فخرج الشيطان من ذلك الانسان وفر خائباً. فلما أتى القس
كعادته قبله الشيخ بفرح، فلما أبصر الاله الصالح أمانة الشيخ، كشف له سراً وهو أن
القسيس عندما أعتزم الوقوف قدام المائدة المقدسة، رأى الشيخ ملاكاً قد انحدر من
السماء، ووضع يده عليه فصار كعمود نار، فعجب الشيخ من ذلك المنظر، وإذا بصوت يأتيه
قائلاً: "لماذا تتعجب؟ أن كان الملك الأرضي لا يرضى أن يقف أحد خدامه بين
يديه بلباس قذر، فكم بالحري ملك السماوات فانه يجلل خدامه الواقفين بين يديه
بالمجد".
+ ومرة أحُضر إلى الدير سمك،
فشواه الطباخ، وتركه في الخزانة وخرج. فقبل أن يمضي أقام عليه صبياً ليحرسه إلى
حين عودته، إلا أن الصبي بدأ يأكل من السمك بشره، فلما جاء الخازن ووجده يأكل غضب
ورفسه، فصادفت نافوخه (أم رأسه) وهو جالس، فوقع الولد على الأرض ميتاً. أما الخازن
فقد أعتراه الخوف، وأخذ الصبي ووضعه على سريره وغطاه، وجاء إلى الأب جلاسيوس وخر
عند رجليه وأعلمه بما حدث، فقال له الشيخ: "لا تعلم إنساناً بهذا الأمر، لكن
أذهب وأحضره سراً إلى الدياقونيكون وضعه قدام المذبح وانصرف" فجاء الشيخ
الدياقونيكون وقام في الصلاة. ولما أجتمع الأخوة في الكنيسة لتأدية صلاة الليل،
خرج الشيخ والصبي خلفه.
(ه) الجهاد في الصلاة
+ سأل بعض الأخوة أنبا أغاثون
قائلين:
"أي فضيلة أعظم في
الجهاد؟" فقال: أغفروا لي. ليس هناك جهاد أعظم من أن نصلى دائماً لله، لأن
الانسان إذا أراد أن يصلى كل حين حاول الشياطين أن يمنعوه، لأنهم يعلمون بأن لا
شيء يبطل قوتهم سوى الصلاة أمام الله. كل جهاد يبذله الانسان في الحياة. ويتعب فيه
لابد أن يحصد منه الراحة أخيراً. إلا الصلاة فان من يصلي يحتاج دائماً إلى جهاد
حتى آخر نسمة.
+ وسأله الأخوة بخصوص قتال
الزنى فقال:
"أمضوا وأطرحوا ضعفكم
قدام الله فتجدوا راحة".
+ وقال شيخ:
ينبغي للراهب أن يقاتل بجهاد
كثير ضد شيطان الضجر، وصغر النفس وبخاصة وقت الصلاة، فاذا قوى على هذا، فليحذر من
شيطان الكبرياء وليقل: "أن لم يبن الرب البيت فباطل يتعب البناءون، وأن لم
يحرس الرب المدينة، فباطلاً يسهر الحراس"، كما يذكر كلام النبى: "إن
الله يقاوم المستكبرين ويعطى المتضعين نعمة".
+ وقال أخ لشيخ:
"أن أصابني ثقل النوم أو
فاتني وقت الصلاة وانتهيت ولم تنبسط نفسي للصلاة حزناً، فلماذا أعمل؟" فقال
له: "ولو نمت إلى الصباح فقم وأغلق بابك وأتمم قانونك، فالنبي داود يقول
مخاطباً الله: "لك النهار ولك الليل. والهنا لكثرة جوده ورحمته في أي وقت دعي
أجاب".
+ وقال القديس مقاريوس
الكبير:
"إن الذي يلازم الصلاة
يقتني أفضل الأعمال إذ هو محتاج إلى جهاد أكثر من سائر الأعمال. لذلك ينبغي له
الحرص الدائم والصبر والتعب دائماً لأن الشرير يناصبه العداء ويجلب عليه نعاساً
وكسلاً وثقل جسد وانحلال وضجراً وأفكاراً مختلفة وطياشة عقل وحيلاً كثيرة محاولاً
أبطال الصلاة لذلك يلزمه الجهاد إلى الدم مقابل أولئك الذين يبطلون ابعاد النفس عن
الله. وليتيقظ مراقباً ذهنه. مطارداً الأفكار المضادة بشدة. وطالباً من الله عوناً
وفهماً".
+ وقال أيضاً:
"إن لم تكن لك صلاة
الروح فجاهد في صلاة الجسد، وعند ذلك ستعطي أيضاً الصلاة بالروح، وأن لم يكن لك
اتضاع الروح، جاهد من أجل الاتضاع الذي بالجسد، وعندئذ ستعطي أيضاً الاتضاع
بالروح. لأنه كتب: أسألوا تعطوا".
+ وسأل أخ شيخاً:
كيف أجد أسم ربي يسوع المسيح؟
قال له الشيخ: إذا لم تحب الاتعاب أولاً لا تستطيع أن تجده".
(و) الالتصاق بالرب يسوع
+ سأل أخ شيخاً قائلاً:
"أتريدني أن أترك قلبي
عند خطاياي؟ قال: لا. فقال: فهل أتركه عند جهنم؟ قال: لا. بل أتركه عند الرب يسوع
المسيح فقط وألصق عقلك به لأن الشياطين يريدون أن يأخذوا ضميرك إلى حيث يبعدونك عن
الرب يسوع المسيح، فسأله وبأي شيء يلتصق الضمير بالرب يسوع. قال له: بالعزلة وعدم
الهم. والتعب الجسداني بقدر.
+ وقال القديس باخوميوس:
"لا تميز موضعاً عن موضع
قائلاً: سوف أرى الله هنا أو سوف اراه هناك لأن الله في كل موضع. لأنه يقول: أنا
ملء السماء والأرض: أن أحببت أن تعبر مياها كثيرة فاحذر لئلا تغمرك. لا تفتش على
الأمور المستعلية لئلا تتلف حياتك. أحفظ القدس فقط فهوذا الله داخلك. أنظر أين كان
اللص فورث الجنة، أو أين كان يهوذا فاستحق المشنقة أو كيف حسبت الزانية مع الأطهار
أو كيف أغوى الشيطان حواء في الفردوس أو كيف أصعد إيليا إلى السماء. أو كيف سقطت
الملائكة من هناك فاطلب ولا تكسل. أطلب الله فتجده".
+ قال الآب الينوس:
من لم يقل: "لا يوجد في
هذا الكون كله إلا الله وأنا فقط فلن يصادف نياحاً".
+ قال الأب مسطوفس:
"كلما دنا الانسان من
الله، فأنه يرى نفسه خاطئاً لأن إشعياء النبي لما أبصر الله دعا نفسه دنساً
ونجساً".
+ وقال القديس باسيليوس:
"عموم الناس يظنون أن
الله في الهياكل فقط، فيحسنون سيرتهم فيها فقط، وذوو المعرفة يعلمون أن الله في كل
موضع، فينبغي أن يحسنوا سيرتهم في كل موضع".
+ وقال شيخ:
كما أن الانسان لا يستطيع أن
يؤذي رفيقه وهو واقف معه قدام السلطان، كذلك العدو لا يقدر أن يؤلمنا بشيء من
الشر، مادامت نفوسنا قريبة من الله، كما هو مكتوب: "اقتربوا من الله يقترب
الله منكم"، ولكننا إذا كمنا في كل حين نتنزه ونشتغل بما لا ينبغي، فإن العدو
يتمكن منا، ويلقينا في أوجاع الخطية".