مادة الصلاة
(1) الشكر
+ من أقوال مار أسحق:
+ ليست موهبة بلا نمو وازدياد إلا التي ينقصها الشكر.
+ من لا يشكر على القليل فهو كاذب وظالم أن قال انه يشكر
على الكثير والجاهل جزاؤه دائماً في عينيه صغير.
+ شكر الذي يأخذ يحرك الذي يعطى إلى بذل العطايا التي هي
أعظم من الضيقات.
+ تأمل دائماً في البلايا الصعبة وفى اللذين هم في شدة
ومذلة وبهذا التأمل يمكنك أن تقدم الشكر إزاء البلايا الصغيرة التي تنتابك وحينئذ
تستطيع أن تصبر عليها بفرح.
+ دع الصغار تنال الكبار.
+ مرشد انعام الله إلى الانسان، هو الشكر المتحرك من
القلب على الدوام، ومرشد التجارب إلى النفس هو التذمر. أن الله عز وجل يحمل كل ضعف
من الانسان، ولا يحتمل انسان يتذمر دائماً، ان أدبه.
+ فم يشكر دائماً انما يقبل البركة من الله تعالى، وقلب
يلازم الحمد والشكر تحل فيه النعمة.
+ قال شيخ:
"حدث مرة انى كنت في موضع حيث أتى يتامى ومساكين
يسألون صدقة، فلما ناموا، كان بينهم واحد لا يقتنى شيئاً يلبسه سوى حصيرة، نصفها
فوقه ونصفها الاخر تحته، وكان وقتئذ برد شديد، فخرج بليل يقضى حاجة الطبيعة فسمعته
من شدة البرد يعزى نفسه ويقول: "أشكرك يا رب، كم من أغنياء الآن في السجون
يرزحون في أغلال حديدية، وآخرون وقد ربطت أرجلهم في الخشب لا يستطيعون الخروج حتى
لتبديد الماء، وها أنا مثل ملك أمد رجلي، حيثما شئت أذهب". فلما أنصت وسمعت
كلامه هذا دخلت إلى الاخوة وحدثتهم، فلما سمعوا تعجبوا وانتفعوا وسبحوا الله".
(ب) التسبيح
+ قال شيخ:
"لا تدع لسانك يخلو من التسبيح، فان تصرفت في تدبير
قلايتك، فان الأفكار السوء تنقطع عنك، ولا يجد العدو سبيلاً لما يخطره ببالك،
فيبعد عنك".
(ج) الاشتياق
+ قال القديس موسى الأسود:
"لنقتن لأنفسنا الشوق إلى الله فان الاشتياق إليه
يحفظنا من الزنى".
(د) الانسحاق
+ قال شيخ:
"كما أن عابر الطريق ضيف يومه، لا يدخل المنزل ما
لم يأمره صاحبه بذلك، هكذا العدو، إن لم يقبله الراهب، لا يقدر أن يدخل إلى عنده،
فاذا صليت فقل: يا رب أنت عارف بكل الأشياء. أنا بهيمة، ما عرفت شيئاً بعد، لكن
علمني كيف أبدأ، أنت قد جئت بي إلى هنا فعلمني كيف أخلص".
+ وقال آخر:
"كل راهب يجلس في قلايته ويدرس في مزاميره، يشبه من
يجرى في طلب الملك، والذي يداوم في الصلاة يشبه إنساناً يكلم الملك، وأما الذي
يجرى يسأل ببكاء، فهو يشبه من هو ممسك برجلي الملك ويطلب منه المغفرة".
+ قال انبا شيشاى لتلميذه:
"أن لي 30 سنة لم أطلب من الله غفران خطيتي، ولكن
في طلبتي وصلاتي أقول: يا رب يسوع المسيح أسترني، فإني إلى هذا الوقت أزل وأخطئ
بلساني".
+ وقال أحد الأخوة لقوم من الرهبان:
"هل رأيتم قط من هو اكذب من شقاوتي؟" فقالوا:
وما السبب؟ قال لهم: "إذا أنا وقفت أصلى فاني أرفع يدي ونظري إلى فوق، وأبكى
وأسأل أن يسمع الطلبة ويرحم البكاء، وفى الوقت الذي أخطئ فيه، أقول انه لا يراني،
وبهذا السبب نبت عندي كذب نفسي".
(ه) المزامير
+ زار أخ شيخاً وسأله قائلاً:
"كيف حالك؟ فأجابه الشيخ قائلاً: "أسوأ
الأحوال" فقال له الأخ: "لم ذلك؟" فأجابه الشيخ قائلاً: "لأن
لي 30 سنة وصلاتي خلالها على لا لي، لأني أقف قدام الله وألعن ذاتي، وأقول ما لا
أشتهي أن يخرج من فمي إذ أقول: "ملاعين الذين حادوا عن وصاياك" وأحيد
أنا عن الوصايا وأفعل الآثم، وأقول: "لا تتراءف على فاعلي الاثم"، وأكذب
كل يوم وأقول لله: "أنك تهلك كل من يتكلم بالكذب"، وأحقد وأقول لله:
"أغفر لنا خطايانا، كما نغفر نحن لمن أخطأ إلينا"، وأخطئ وأقول:
"عندما يزهر الخطاة ويعلو جميع عاملي الاثم، فهناك يستأصلون إلى الأبد"
وآثم وأقول: "أبغضت جميع فاعلي الاثم"، وهمى كله في المأكل وأقول بين
يدي الله: "نسيت أن آكل خبزي"، وأنام إلى الصباح وأقول: "في نصف
الليل كنت انهض لأسبحك"، وليس لي خشوع ولا دموع وأقول: "تعبت في
تنهدي"، "وصارت دموعي خبزاً لي نهاراً وليلاً وبدموعي أبل فراشي"،
وافتكر فكرا خبيثاً، وأقول لله: "ان ما يتلوه قلبي هو لديك كل حين"،
وليس لي صيام وأقول: "ركبتاي ضعفتا من الصوم"، ونفسي متكبرة وجسدي
مستريح وأقول لله: "أنظر إلى تواضعي وتعبي وأغفر لي جميع خطاياي" ولا
استعداد له وأقول: "مستعد قلبي يا إلهي". فقال الأخ: "يا معلم، على
ما يلوح لي، ان النبي قال ذلك عن نفسه" فتنهد الشيخ وقال: "صدقني يا
ابني ان لم نعمل نحن بما نصلي به قدام الله، فان صلاتنا تكون علينا لا لنا".
(و) الدموع
+ قال انبا موسى الأسود:
"ينبغي لنا أيها الحبيب أن نجتهد بقدر استطاعتنا
بالدموع أمام ربنا ليرحمنا بتحننه. لأن الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالفرح".
+ وقال القديس مكاريوس:
"كما أنه إذا سقط المطر على الأرض نبتت وانتجت
الثمار وفى ذلك راحة وفرح للناس، كذلك الدموع إذا ما وقعت على قلب أثمرت ثماراً
روحانية وراحة للنفس والجسد معاً".
+ لنبكِ أيها الاخوة ولتسل دموعنا من أعيننا قبل أن نمضي
إلى حيث تحرق دموعنا أجسادنا بدون نفع. ولما قال هذا بكى وبكى الكل معه وخروا على
وجوههم قائلين. أيها الأب صل من أجلنا.
+ قال شيخ:
"سبيلنا أن نتطهر بالدموع ما دمنا في هذا العالم،
قبل أن نمضي إلى حيث تحرق دموعنا أجسادنا".
+ سأل أخ شيخاً:
"كيف يقتني الانسان البكاء؟" فقال:
"يقتني الانسان البكاء إذا كان عقله يذكر دائماً خطاياه وموته
ودينونته".
+ وقال شيخ:
"كما أننا نحمل معنا ظلنا أينما ذهبنا، كذلك يجب أن
يكون البكاء معنا في كل موضع، كالقوم: "أحمي كل ليلة سريري وبدموعي أبل
فراشي".
+ وقال آخر:
"من لا ينشق قلبه بالتحسر والتنهد، وكان فارغاً من
صلاة الدموع وعادما من القراءة فهو سائر في التيه لأنه إذا ما أخطأ لن يحس".
+ وقال مار اسحق:
"من اقتني دموعاً في صلاته، فهو كانسان يقدم
قرباناً عظيماً للملك، وقد أقتني عنده وجهاً بهجاً".
+ سأل أخ شيخاً قائلاً:
"ماذا أصنع لأخلص؟" فقال له: "يجب أن
تبكي دائماً"
+ قيل عن أحد الرهبان:
أنه كان كل يوم يبكي على خطاياه، وكان له جار يسمعه، وإذ
لم يأته البكاء، قال لنفسه: "لماذا لا تبكي يا شقي؟" لماذا لا تنوح يا
مسكين؟ حقاً إنك ان لم تبكِ ههنا طائعاً، فإنك تبكي هناك كارهاً"، وكان قد
أصلح له حبلاً غليظاً يضرب به ذاته ليبكي، فتعجب جاره وطلب من الله أن يكشف له أن
كان تعذيبه لنفسه صواباً، فأبصر وهو واقف بين جماعة الشهداء، وانسان يقول له:
"هذا هو المجاهد الصالح الذي يعذب نفسه من أجل المسيح".
+ ومن أقوال مار افرام:
"تفهم يا أخي أن من أجلك أقبل من السماء الاله
الأعلى والاقدس، ليعليك من الأرض إلى السماء، مغبوط في ذلك اليوم، الذي قد حرص من
هنا، كي يوجد مستحقاً لتلك السعادة، وإذ أنه لا يمكن أن تباع الدوية السماوية
والقدسية، لأنه ليس لها ثمن، ولكنها بالدموع توهب للكل. ترى من لا يعجب ومن لا
ينذهل، من لا يبارك كثرة تحننك أيها المخلص لنفوسنا، لأنك ارتضيت أن تأخذ الدموع
عوض أشفيتك. فيا لقوتك أيتها الدموع! إلى أين بلغت؟! حتى أنك تدخلين إلى السماء
مجاهرة كثيرة بلا مانع، ولا تأخذين طلباتك من الاله الاقدس".
+ قال القديس لنجيوس:
"البكاء يعمد الانسان ويجعله بغير خطية".
وقيل إنه كان لهذا الأب تخشع كبير في صلاته وقراءته،
فقال له تلميذه مرة: "هل هذا هو القانون الإلهي يا أبي، أن يبكي الانسان في
خدمته لله؟ فأجابه: "نعم يا ولدي، هذا هو القانون، ليس لأن الله قد صنع
الانسان للبكاء بل للفرح والسرور وليخدمه بطهارة قلب، وعدم خطية كالملائكة، فلما
سقط الانسان في الخطية، احتاج إلى النوح والبكاء، وحيث عدم الخطية، فليست هناك
حاجة إلى البكاء".
+ قيل انه كان يسكن بقرب أخ حريص على خلاص نفسه أخ آخر كان بستانياً، وقصد مرة المضي إلى دير في يوم من الأيام، فقال لذلك الأخ الكاتب: "أصنع محبة يا أخي وأهتم بالبستان حتى ارجع"، فقال له الأخ: "صدقني أنه على قدر استطاعتي لن أتوان في الاهتمام به".
وبعد انصراف الأخ البستاني قال الأخ الكاتب في نفسه: "يا مسكين، لقد وجدت خلوة فاهتم بالبستان.. ثم أنه انتصب في قانونه من المساء إلى الصباح، لم يفتر، مترنماً بدموع، مصلياً، ومكث على هذه الحال طول النهار كذلك إذ كان يوم الأحد المقدس. فلما جاء الأخ البستاني عند المساء، وجد البستان قد أفسدته القنافذ، فقال له: غفر الله لك يا أخي لأنك لم تهتم بالبستان" فقال له ذلك:
"يا معلم، علم الله، أني قد بذلت كل قوتي وحفظته الا أن الله قادر أن يعطينا ثمراً من البستان الصغير" فقال له الأخ: "صدقني يا أخي لقد تلف كله" فقال له الكاتب: "لقد علمت بذلك ألا أني واثق بالله، أنه قد أزهر أيضاً، "فقال البستاني:
"هلم بنا لنسقي" فقال الأخ: "انطلق أنت أسق في النهار وأنا أسقي في الليل" فلما صار القحط والجدب، أغتنم البستاني وقال لذلك الكاتب جاره "صدقني يا أخي، إذا لم يعن الله، فليس لنا في هذا العام ماء"، فقال له الكاتب: "الويل لنا يا أخي أن جفت ينابيع البستان، بالحقيقة لن يكون لنا خلاص أيضاً". وكان يقول هذا قاصداً بذلك ينابيع الدموع، فلما جاءت الوفاة للمجاهد القديس، سأل جاره البستاني قائلاً: "أصنع نحبة ولا تقل لأحد أني مريض، ولكن أمكث عندي ههنا اليوم، وإذا انصرفت إلى الرب فاحمل أنت حسدي، وأطرحه عارياً لتأكله الوحوش والطيور لأنه قد أخطأ قدام الله كثيراً، ولا يستحق أن يدفن". فقال له البستاني:
"صدقني يا معلم أن هذا الطلب صعب على إتمامه" فأجابه قائلاً: "لا تخالفني في هذا الطلب، وأني أعطيك عهداً، ان سمعت منى وعملت بي كما سألتك، واستطعت أنا القيام بما ينفعك" ثم انه بعد وفاته، عمل به كما أمره في ذلك اليوم، فطرح جسمه في البرية عارياً، لأنهما كانا مقيمين في مكان يبعد عن الحصن عشرين ميلاً وفى اليوم الثالث ظهر له الأخ المنصرف للرب في الرؤيا وقال له: "يا أخي، يرحمك الله كما رحمني، صدقني أن رحمته عظيمة جداً، فلقد رحمني الله بسبب بقاء جسمي غير مدفون وقال لي:
لأجل تواضعك الكثير، قد أمرت أن تكون مع أنطونيوس، وقد طلبت إليه
من أجلك أيضاً، لكن أذهب واترك البستان، واهتم بالبستان الاخر، لأني في الساعة
التي خرجت فيها نفسي، كنت ابصر دموع عيني وقد انطفأت النار التي كنت مشرفاً على
المضي إليها".
+ كان أخ فاضل مريضاً، وإذا صلى مع أخيه قانونه تغلبه دموعه، فيفوته من المزمور عنصر أو أكثر، وفى أحد الأيام سأله أخوه أن يخبره بما ينتابه أثناء قراءة قانونه حتى يبكي ذلك البكاء المر. فقال: اغفر لي يا اخي فاني أثناء قراءة القانون، أبصر القاضي دائماً، وأرى ذاتي واقفاً قدامه وقوف المجرم، وهو يفحص أحوالي وأسمعه قائلاً لي: لم أخطأت؟
وإذ ليس لي جواب أحتج به إليه يستد
فمي وعلى هذا الوجه يفوتني العنصر من المزمور، فاغفروا لي لأني اغمك. وأن كنت تجد
راحة في أن يصلى كل واحد منا قانونه منفرداً، فافعل" فقال له أخوه: "لا
يا أخي. لأني وأن كنت ان لا أبكي. إلا أني في الواقع إذا رأيتك تبكي، أعطي الويل
لنفسي وأعتبرها شقية" فلما أبصر الله تواضعه: وهب له اتضاع أخيه.
+ قال شيخ:
ذهبنا مع اخوة إلى دير خارج الإسكندرية على بعد 15 ميلا، فلقينا أنبا تودرى وقد كان رجلا كثير التعب في الرهبنة، ومعه موهبة الصبر، فحدثنا عن أخ كان ساكناً في القلالي الكائنة خارج الإسكندرية، وكان قد اقتني له موهبة البكاء، وفي يوم من الأيام أوجعه قلبه وأعتراه بكاء كثير، فلما رأى كثرة البكاء، قال لنفسه: هذه علامة دالة على أن يوم موتى قد دنا فكان كلما تفكر في ذلك كان البكاء يزداد ويكثر كل يوم. فلما انتفعنا من حديث الشيخ سألناه عن الدموع. "لأي سبب يا ابانا تأتي الدموع من نفسها مرة ولا تأتي من نفسها مرة أخرى؟"
فقال لنا الشيخ: "الدموع مثل المطر والراهب مثل الفلاح، فينبغي له إذا أبصر المطر قد جاء، أن يحرص ألا يفوته شيء منه بل يصرفه كله إلى أرضه، حقاً أقول لكم يا بنى أنه ربما يكون يوم واحد ممطر أفضل من السنة كلها، فمن أجل ذلك إذا رأينا المطر قد جاءنا، فلنحرص أن نحفظ أنفسنا ونتفرغ إلى التضرع إلى الله دائماً، إذ لا ندرى هل نجد يوماً آخر مثل اليوم الذي جاءنا فيه البكاء أم لا". فسألناه نحن أيضاً وقلنا:
"أخبرنا يا أبانا كيف ينبغي للإنسان أن يحفظ ذلك البكاء إذا جاء؟". قال لنا الشيخ: "من قبل كل شيء، لا يتوجه ذلك الانسان الذي يأتيه البكاء- في ذلك اليوم، أو في تلك الساعة أو تلك السنة- إلى انسان ويتحفظ ألا يملأ بطنه وألا يستكبر في قلبه، ويفضل أن يبكي وأن يتفرغ للصلاة والقراءة، فإذا جاء النوح فهو يعلمه الأمور التي تضره، والأمور التي تأتي به". ثم حدثنا الشيخ وقال:
"إني أعرف أخاً كان جالساً في قلايته يعمل في الضفيرة وكانت الدموع
تأتيه بغزارة، فكان إذا رجع إلى العمل في الضفيرة يجمع عقله ويأتيه البكاء، حتى في
القراءة كذلك، فانه إذا أخذ الكتاب جاءه البكاء وإذا تركه يذهب عنه، حينئذ قال
لنفسه: حسناً ما قاله الآباء: "أن النوح هو معلم الانسان كل شيء ينفع
نفسه".
(ز) طلب الرب في وقت الضيق
+ قال شيخ:
"ألزم الصلاة في التجارب فان الرب قد قال:
"الله ينتقم لعبيده الصارخين إليه".
(ح) الاعتراف
+ قال أنبا أنطونيوس:
"لا تكنز خطيئتك التي صنعتها لأن أفضل ما يقتنيه
الانسان هو ان يقر بخطاياه قدام الله ويلوم نفسه".
(ط) طلب الروحيات
+ قال شيخ:
"لتكن همتك في ملكوت السماوات، وأنت سريعاً تخلص،
وترثها".
+ وقال مار أسحق:
+ لا تطلب الأمور الحقيرة من العظيم القادر على كل شيء
لئلا تهينه. أسأل المواهب الكريمة من الله فينعم عليك بها. لقد سأل سليمان من الله
الحكمة فأعطاه معها الغنى ودوام السلامة وسأل إسرائيل الحقيرات فرذل لأنه ترك
تمجيد عجائب الله وطلب شهوة بطنه، وإذ الطعام بعد في أفواههم اتي رجز الله عليهم
كما هو مكتوب.
+ اطلب من الله ما يلائم مجده لتكون كريماً عنده ولا
تسأل الارضيات من السمائي فقد كتب: اطلبوا ملكوت الله وبره وهذا كله يزاد لكم.
+ من يشتهى الروحيات، حتماً يهمل الجسدانيات.
+ ليس شيء محبوباً لدى الله، وسريعاً في استجابة طلباته،
مثل انسان يطلب من اجل زلاته وغفرانها.
+ وقال انبا موسى الأسود:
اذكر ملكوت السماوات لتتحرك فيك شهوتها.
+ قال القديس باسيليوس:
"إن كان غير لائق أن نستشهد بإنسان شريف على امر
حقير، فكم بالحري الله تعالي".
بعد الصلاة
أ- استجابة الصلاة
+ قال أنبا زينون:
"من يريد أن يسمع الله صلاته بسرعة، فانه إذا وقف
يصلى، ليبسط يديه أولاً، ويطلب من أجل أعدائه بضميره كله، قبل أن يصلى من أجل
نفسه، بهذه الفضيلة يستجيب الله له في كل مسألة".
+ قال مار اسحق:
"كما أن شعاع النار لا يمكن امساكه عن الطلوع إلى
فوق، هكذا صلاة الرحيمين لا يمكن ألا أن ترقى إلى السماء أما الحقود فيستثمر من
صلاته ما يستثمره الزارع في البحر من الحصاد.
ب- الارتقاء بالفكر
+ قال شيخ:
"لتكن الأرض لك شبه السماء وانظر لئلا تتفكر
بالأرضيات وانت قائم فيها. قيل عن الاب دتينوس أنه كان يبسط يديه بسرعة عند
الصلاة، فكان عقله يخطف إلى فوق، فاذا اتفق أن اصلى معه اخوه، فانه كان يحرص على
ألا يرفع يديه لئلا يخطف عقله.
+ وقال آخر:
"في خدمتي وصلاتي ليست أعرف تعباً، لأنه ليست فيها
حركة من هواي، بل أظل منصتاً للروح الساكن في وأتلذذ، وهذا هو المقصود مما قيل:
"ان الروح يصلي بدلاً عنا".
+ وقال أبا اسحق:
كنت جالساً في احدى المناسبات مع انبا بيمين فلاحظت أنه
كان في حالة دهش عظيم. وبما كان لي من تأثير عليه طلبت منه بإلحاح قائلاً:
"فيم تفكر يا أبي؟" وبعد إلحاح شديد أجاب قائلاً: "كنت أتأمل في
موضع الصليب، حيث كانت القديسة مريم حاملة الاله، واقفة تبكي بجوار صليب مخلصنا،
كنت أتمنى أن أشعر بمثل هذا كل وقت.
+ ومرة جاء إلى أنبا سلوانس تلميذه زكريا، ووجده في حالة صلاة الدهش ويداه مرتفعتان إلى السماء فخرج وأغلق الباب، ثم عاد في الساعة التاسعة فوجده على نفس الحالة، وعندما رجع نحو الساعة العاشرة وجده مازال على نفس الهيئة فطرق الباب ودخل، فرآه في حالة صمت ثم قال له: "ماذا حدث لك اليوم يا أبي؟
" فأجابه الشيخ: "كنت
أشعر بضعف ومرض يا ابني". لكن التلميذ أمسك بقدميه وقال: "لن أطلقك إن
لم تخبرني بما رأيته" فقال له الشيخ: "عاهدني ان لا تكشف الأمر لأحد قبل
أن أنطلق عن الجسد وأنا أخبرك" ولما توسل إليه التلميذ أجاب الشيخ:
"اختطفت إلى السماوات، ورأيت العظمة التي لربنا ومكثت هناك حتى الآن حيث
طُردت".
+ ولما كان الاب سلوانس بطور سينا، أرسل تلميذه في خدمة وقال الشيخ في نفسه: "أقول
الان وأستقى البستان" فخرج وكان وجهه مغطى، وما كان ينظر سوى أثره فقط، وفى
ذلك الوقت أتى إليه أخ، زائر له، وكان يتأمل ماذا يصنع، في حين أن الشيخ لم يكن
يبصره، فلما جاء إليه الأخ، قال له: "لماذا غطيت وجهك يا أبي وأنت تسقي
البستان؟" فقال: "قلت لئلا تبصر عيناي الشجر، فينشغل عقلي عن
شغله".
+ ومرة كان هذا الأب جالساً مع أخوة، وفجأة أخذ مبهوتاً
وسقط على وجهه، ومن بعد حين قام باكياً، فقال له الأخوة: "ما الذي أبكاك يا
أبانا؟!" فسكت باكياً، فلما أكرهوه على الكلام قال: "إني اختطفت إلى
موضع الدينونة ورأيت كثيرين من جنسنا يساقون إلى العذاب، وكثيرين من العلمانيين
منطلقين إلى الملكوت!"، وناح الشيخ ولم يشأ أن يخرج من القلاية، وإذا أكره
على الخروج، فانه كان يستر وجهه ببرنس قائلاً: "لماذا أرى هذا الضوء؟".