المعرفة الاختبارية من بستان الرهبان #التراث_المسيحي_المسموع

 




و -المعرفة الاختبارية

قال مار اسحق:

+ مثل المصور الذي يصور الماء في الحائط ولا يقدر ذلك الماء المرسوم أن يبرد عطشه، وكمثل المرء الذي ينظر الأحلام كذلك الإنسان الذي يتكلم من غير عمل،

 أما الذي من إختبارته يتكلم عن الفضائل فيكون مثل ذلك الذي من بضاعة تجارته يلقى كلمته لسامعيه ومن الشيء الذي اقتناه في نفسه يزرع التعليم

 في آذان السامعين ويفتح فمه بدالة مع بنيه الروحانيين، وذلك كموقف يعقوب الشيخ مع يوسف العفيف إذ قال له:

 "هو ذا قد اعطيتك نصيباً فاضلاً عن أخوتك وهو ما اكتسبته من الأموريين بسيفي وقوسي".


كما قال أيضاً:

+ "أبله يصنع صناعة بحرية من ذاته، أفضل من عارف يتعلم سيرة الروح من أسطر الكتب، وبالتعليم من آخرين من غير تجربة محكمة بذاته".


ز -إكليل الجهاد والثمار


1 – الجهاد


قال القديس موسى الأسود:

+ "من يحتمل ظلماً من أجل الرب يعتبر شهيداً. ومن يتمسكن من أجل الرب يعوله الرب. ومن يصير جاهلاً من أجل الرب يحكمه الرب".


وقد وضح هذا القول في خطاب أرسله إلى انبا نومين قال فيه: أنى أفضل خلاصك بخوف الله قبل كل شيء طالباً أن يجعلك كاملاً بمرضاته

 حتى لا يكون تعبك باطلاً بل يكون مقبولاً من الله لتفرح.. لأننا نجد أن التاجر إذا ربحت تجارته كثر سروره وكذلك الذي يتعلم صناعة

 إذا أتقنها كما ينبغي ازداد فرحه متناسياً التعب الذي أصابه، وذلك لأنه قد أتقن الصنعة التي رغب فيها. ومن تزوج امرأة وكانت عفيفة صائنة لنفسها

 فمن شأنه أن يفرح قلبه. ومن نال شرف الجندية فمن شأنه أن يستهين بالموت في حربه ضد أعداء ملكه وذلك في سبيل مرضاة سيده.

 وكل واحد من أولئك الناس يفرح إذا ما أدرك الهدف الذى تعب من أجله فاذا كان الأمر هكذا من شئون هذا العالم فكم وكم يكون فرح النفس

 التي قد بدأت في خدمة الله عندما تتم خدمتها حسب مرضاة الله؟،

الحق أقول لك أن سرورها يكون عظيماً، لأنه في سلامة خروجها من الدنيا تلقاها أعمالها وتفرح لها الملائكة إذا أبصروها

 وقد أقبلت سالمة من سلاطين الظلمة لأن النفس إذا خرجت من جسدها وافقتها الملائكة وحينئذ يلتقي بها أصحاب الظلمة كلهم

 ويمنعونها عن المسير ملتمسين شيئاً لهم فيها. والملائكة وقتئذ ليس من شأنهم أن يحاربوا عنها، لكن أعمالها التي عملتها هي التي تحفظها وتستر عليها منهم.

 فإذا تمت غلبتها بأعمالها تفرح الملائكة حينئذٍ ويسبحون الله معها حتى تلاقى الرب بسرور، وفي تلك الساعة تنسى جميع ما أنتابها من اتعاب في هذا العالم.

 فسبيلنا أيها الحبيب أن نبذل قصارى جهدنا ونحرص بكل قوتنا في هذا الزمان القصير على أن نصلح أعمالنا وننقيها من كل الشرور عسانا نخلص بنعمة الله

 من أيدي الشياطين المتحفزين للقائنا إذ أنهم يترصدون لنا ويفتشون أعمالنا أن كان لهم فينا شيء من أعمالهم لأنهم أشرار وليس فيهم رحمة،

 فطوبى لكل نفس لا يكون لهم فيها مكان فإنها تفرح فرحاً عظيماً.


+ وقال أيضاً:

+ "إن كانت الاتعاب لا تقود إلى الصلاة فعمل المصلى باطل".

+ وسأله أخ:

"ما هي المقارنة بين الجهاد والصلاة؟" قال له الشيخ: "من يصلى طالباً العتق من الخطية لا يجوز أن يكون مهملاً، لأن من أخضع مشيئته يقبله الرب".


2 -الثمار

قال القديس مقاريوس الكبير:

"كما أن عصا هرون أزهرت وأثمرت في ليلة واحدة، كذلك الراهب إذا حل فيه الرب فان نفسه تزهر وتثمر أثمار الروح القدس بمعونة خالقها السيد المسيح له المجد".


وقال شيخ:

"كل من يسكن في موضع ولا يعمل فيه ثمرة صالحة فالموضع نفسه يطرده"


سأل أحد الأخوة شيخاً وقال له:

"ما هي فلاحة النفس؟" فقال الشيخ: إن فلاحة النفس هي السكوت، وضبط الهوى، وشفاء الجسد، والصلاة الكثيرة والامتناع عن معاتبة زلات الناس،

 وتأمل الانسان في هفواته وحده، فمتى تثبت الانسان في هذه الفضائل، فان نفسه لا تبطيء في النجاح والنمو حتى تثمر".


وقال مار اسحق:

"إن الهواء يسمن الأثمار والاهتمام بأمور الله عز وجل يسمن أثمار النفس، أن أثمار الشجرة تكون فجة ومرة،

 ولن تصلح للأكل حتى تقع فيها الحلاوة من الشمس، كذلك أعمال التوبة الأولى فجة ومرة جداً، ولا يفيد الراهب حتى تقع فيها حلاوة الثاؤريا،

 فتنقل القلب من الأرضيات.

وقال شيخ:

"كما أن الأرض لا تنبت وحدها من غير بذار وفلاحة ومطر سمائي وحراسة مما يمكن حراستها من البهائم والطيور، وسلامة من الله مما لا يقدر الانسان على دفعه،

 كالدود والجراد وريح السموم. فان كانت الأرض لا تنبت بغير تلك الأمور، فكم بالحري النفس،

 فإنها لا تثمر الفضائل بدون تعليم وتعب كثير ومعونة إلهية واحتراس من الأعداء بقدر استطاعة الانسان، ثم تضرع إلى الله في طلب تعضيده إزاء ما تعجز قدراته عنه".


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -