+ قال أحد القديسين:
- ((النسيان هو هلاك النفس وينتج من التهاون.. الذي يكلف نفسه في كل شيء ينجح)).
+ وقال شيخ:
- ((إذا تمكنت النفس فإنها تزداد قوة على قوتها، كالجلود التي تدبغ وتداس وتبيض وتجفف)).
+ وقيل أيضاً:
- ((كما أن الذي يصفى الذهب، إذا كان يحمى النار ويشعلها حينها،
ثم يخمدها ويطفئها حيناً آخر، لا ينتفع، كذلك الراهب إذا كان يحرص مرة ويسترخى أخرى)).
+ وقالت الأم ســـــــارة:
"جهاد عظيم وتعب يلقى المتقدمين إلى الله في البداية، وبعد ذلك فرح لا ينطق به،
كمثل الذين يلتمسون أن يوقدوا ناراً، ففي أولها تدخن وتدمع عيونهم، وفيما بعد ينالون المطلوب،
ولأنه قد قيل إن إلهنا نار آكلة، فلنسكب دهن العبرات لتشتعل النار الإلهية داخلنا".
+ من اقوال مار افرام:
"إذا ضرب البوق يستعد الجيش للحرب، ولكن في أوان الجهاد لا يكون الكل محاربين.
كثيرون رهبان بزيهم، وقليلون هم المجاهدون. في وقت التجربة يظهر تدريب الراهب وخبرته.
الطبيب الحاذق من تجربة الآلام صار مدرباً".
"الراهب العاجز لا ينفع لا لذاته، ولا لقريبه، والغير العاجز يستنهض المتوانين جداً إلى الفضيلة".
+ سُئل مرة مار اسحق:
"ما السبب في أن فعل الرجاء لذيذ، وتعبه خفيف؟".
أجاب:
"ذلك لسبب الاشتياق الطبيعي، الذي يستيقظ في النفس، ويسقيها كأس الرجاء ويسكرها،
ومن تلك الساعة، لا يحس ذوو الرجاء بتعب أبداً، بل يثبتون غير شاعرين بالضوائق، وفى كل ما جرى في سيرتهم،
يظنون كأنهم في الجو سائرين بغير أقدام بشرية، ولا تظهر لهم صعوبات الطريق وبخشونتها،
فلا أمامهم أن هناك أودية أو روابي أو أكوام، بل حتى الوعر قدامهم يكون سهلاً، والصخر كأرض لينة،
لأنهم في كل وقت ينظرون إلى حضن أبيهم، والأمل يشير أمامهم كمثل الاصبع، ويريهم الأشياء البعيدة الغير مرئية،
كما لو كانت قريبة، ملاحظين بعين الإيمان الخفية،
لأن جميع أجزاء النفس تسخن مثل النار بشوق الأمور العتيدة، وإلى هناك يمدون لواحظ أفكارهم ويسرعون إلى البلوغ إليها،
وغذا ما أقدموا على عمل واحدة من الفضائل فانهم لا يعملونها بالتدريج بل بالتمام مرة واحدة،
فانهم في الطريق الإلهية لا يسيرون مثل باقي الناس، لأنهم اختاروا سبلاً قاطعة".
"انهم أفراد من الجبابرة والشجعان، أولئك الذين قدروا على السير فيها، لأن سعيهم بالتجبر والحرص ينتهي،
لأن الرجاء يشعلهم مثل النار، فلا يقللون من سرعة جريهم بسبب فرحهم،
ويعرض لهم مثل ما قال إرميا النبي: ((إني قلت لا أعود أذكره، ولا أنطق باسمه، وصار قلبي كمثل النار المتقدة، وأشعل عظامي))،
كذلك تكون قلوب الذين يجرون برجاء الله حتى يدركوا الحياة الأبدية)).
+ قال القديس برصنوفيوس:
"لا تنم يا أخي، لئلا يفوتك القائل: "هوذا الختن قد اقبل، أخرجن للقائه"،
وكيف تستطيع ان تقول في ذلك الوقت: إني مشغول. وهو قد صيرك بلا هم،
ولكنك تلقى بنفسك في الهموم، فلن ينتظرك الزمان لتنوح على خطاياك،
انتقل بفكرك من هذا العالم البطال إلى العتيد، اترك الأرضيات وأطلب السماويات،
مت بالكمال لكي تحيا بالتمام بالمسيح يسوع ربنا. كل من لا يحتمل الاحتقار والتبكيت والإهانة،
فان الإنسان العتيق لازال حياً فيه بعد. أن أردت أن تتلذذ بنعم الله، أحرص بكل جهدك على أن تبعد عنك كل لذة جسدية".
+ وسأله أخ:
"قدسك قُلت لي هوذا خطاياك قد غفرت وأنبا إشعياء قال: مادام الإنسان يجد في قلبه لذة الخطية فلم يحظ بعد بغفرانها، واني الي الآن أحس بلذاتها،
لذلك أظن أنها لم تغفر لي بعد فأحزن. وفكري يحدثني قائلاً: إن الله خذلك لأن قتال الزني قد ثقل على طوال هذا الأسبوع".
أجابه القديس برصنوفيوس:
"لقت قلت لك ان خطاياك القديمة قد غفرت، أتراني قلت لك أن قتالات العدو قد بطلت؟
فالراهب قائم في صف الجهاد. ولو لم يكن لك خطايا، فالشيطان يجلب لذة الخطية بالفكر".
"أما ما قاله لك أنبا إشعياء فهو عن فاعليها المتلذذين بعملها، لأن ذكر حلاة العسل شيء، وتذوق العسل شيء آخر،
حتى أن الذي يتذكر لذة الخطية ولا يفعل ما يتعلق باللذة، بل يجاهد في سبيل إبعادها عنه فذلك هو الذي غفرت له خطاياه القديمة.
ومن خيالات الشيطان أنه يقول لغير المتمكنين أن خطاياكم لم تغفر، وذلك ليقطع رجاءهم، فتحفظ من ذلك.
"أما عن قتال الزنى، فيحتاج الإنسان إزاءه إلى جهاد واتضاع فبلا تعب واتضاع لن يخلص أحد.
أما من جهة الخذلان فالله لا يخذلنا، فما لم نتخل نحن عن محبته أو نحيد عنه، فهو لا يتخلى عنا، إذ أن مشيئته هي أن نلجأ إليه ونخلص".
+ قصة:
كان إنسان يريد أن يترهب، وكانت أمه تمنعه، ولم يزل يلح عليها قائلاً: "أريد أن أخلص نفسي"،
حتى توفيت أنه بعد قليل، فمضى وترهب، وصار متوانياً في رهبنته،
فحدث أنه مرض جداً، وخُطف عقله إلى موضع الدينونة، فرأى أمه مع الذين يعذبون،
ولما رأته قالت: "ما هذا يا ولدي، وكيف جئت إلى هنا، وأين قولك: أريد أن أخلص نفسي.
فبقي حائراً ولم يعلم كيف يجيبها. فرجع إلى نفسه وقام من مرضه،
وعلم أن الله الرحيم قد أفتقده ونبهه، فحبس ذاته في قلاية بسيطة،
وجلس يهتم بخلاص نفسه، بالتوبة والبكاء على ما سلف من توانيه،
حتى كان الآباء يطلبون إليه أن يكف عن البكاء قليلاً،
فكان يجيبهم: "إن كنت لم أحتمل تعيير أمي، فكيف يكون حالي إذا وقفت قدام المسيح بحضرة الملائكة يوم الدينونة.
أيمكنني أن أحتمل ذلك الخزي المعد للخطاة؟".
+ وقيل عن أخ آخر كان يسكن في دير:
أنه من شدة القتال كان يسقط في الزنى مراراً كثيرة. فمكث يكره نفسه ويصبر كيلاً يترك اسكيم الرهبنة،
وكان يصنع قانونه وسواعيه بحرص، ويقول في صلاته: "يا رب أنت ترى شدة حالي وشدة حزني، فانتشلني يا رب إن شئت أنا لم أشأ.
لأني مثل الطين، أشتاق وأحب الخطية، ولكن أنت الاله الجبار كففني عن هذا الجنس، لأنك أن كنت ترحم القديسين فقط فليس هذا بعجيب،
وإن كنت تخلص الأطهار فقط فما الحاجة، لأن أولئك مستحقون، ولكن في أنا الغير مستحق يا سيدي أرى عجيب رحمتك لأني إليك أسلمت نفسي".
وهذا ما كان يقوله كل يوم، أخطأ أو لم يخطيء، فلما كان ذات يوم وهو دائم في هذه الصلاة،
أن ضجر الشيطان من حسن رجائه وشدة عناده معه، فظهر له وجهاً لوجه وهو يرتل بمزاميره.
وقال له: أما تخزى أن تقف بين يدي الله بالجملة وتنطق اسمه بفمك النجس؟
فقال له الأخ: "ألست أنت تضرب مرزبة وأنا أضرب مرزبة؟ أنت توقعني في الخطية،
وأنا أطلب من الله الرحيم أن يتحنن على، فأنا أضاربك على هذا الصراع حتى يدركني الموت،
ولا أقطع رجائي من إلهي، ولا أكف من الأستعداد لك، وستنظر من يغلب: أنت أم رحمة الله".
فلما سمع الشيطان كلامه قال: "من الآن لا أعود إلى قتالك، لئلا أسبب لك آكله (نخراً أو سوساً) في رجائك بإلهك)،
وتنحى الشيطان عنه من ذلك اليوم، ورجع الأخ إلى نفسه وأخذ ينوح ويبكي على خطاياه السالفة،
فإذا كان الفكر يقول له: نعماً لأنك تبكي. فكان يجيب فكره بذكر خطاياه.
وإذا قال الفكر له: "أين تذهب لأنك فعلت خطايا كثيرة؟، يقول: "الرب يفرح بحياة الميت ورجوع الضال".